لكل طفل شخصيته الفريدة التي يوُلد بها، ولكن، تلعب البيئة المحيطة التي ينمو فيها الطفل دوراً رئيسياً في تشكيل شخصيته. ويتحمل الآباء والمعلمون ومزودو الرعاية مسؤولية دائمة عن التأثير في الطفل في إطار تطوير سمات شخصية إيجابية لديه. وفيما يلي عشرة أشياء يمكنك متابعتها مع طفلك منذ صغره لتهيئته ليصبح شابًا قويًا وواثقًا.
ما المقصود بتطور الشخصية لدى الأطفال بالضبط؟
هناك مظاهر كثيرة لشخصية الطفل تبدأ بثقته بنفسه وشجاعته واحترامه لذاته في كيفية تعامله مع الآخرين واحترامهم. بين سن الثالثة والسادسة، يمكنك أن تري أن شخصية طفلك تتطور. وهذا هو الوقت المناسب لتغرسي فيه بعض القيم والممارسات التي تهيئه ليصبح فردًا إيجابيًا. وعندما يتعلم الأطفال سلوك والديهم ويتخذونه مثالاً، فإنك تصبح العامل المؤثر الأكبر في تطور شخصية طفلك.
طرق لتطوير شخصية طفلك
يعتقد العديد من أولياء الأمور أن إلقاء المحاضرات على أطفالهم حول ما يجب فعله وما لا يجب فعله في أوقات زمنية منتظمة هو الطريقة المثلى للتأثير في شخصيتهم. ولكن الأطفال لا يأخذون القيم من المحاضرات التي لا تنتهي، بل من تجسيد تلك القيم في سلوكك. لذلك، فإن أفضل طريقة لمنحهم تنشئة واثقة هي إدخال السمات الشخصية الإيجابية ببراعة ضمن أعمال يومية صغيرة. وفيما يلي بعض الطرق التي يمكنك من خلالها القيام بذلك.
1. الابتعاد عن الوصف والوسم
الكلمات هي ما تصنع العالم. وعندما تقرر، بصفتك والدًا، وسم ووصف طفلك بأوصاف معينة نتيجةً لسلوك محدد، فإنك تجعل الطفل يعتقد أنه كذلك بالفعل. ويغلق وسم والوصف غير الإيجابي للطفل خياراته لتصحيح نفسه أيضًا. وهذا قد يؤدي إلى تدني احترام الذات وحتى تقليد هذا السلوك أمام الآخرين من حوله. تذكر أن تتوخى الحذر دائمًا في كلماتك، ولا سيّما أثناء تصحيح أخطاء طفلك.
2. الاستماع الجيد
يتوق الأطفال إلى الاهتمام طوال الوقت. ومع نموهم يصبحون أكثر وأكثر استقلالية. يميل طلاب مرحلة ما قبل المدرسة والأطفال الصغار إلى التعبير عن أنفسهم بشكل أكبر من خلال التحدث، وخاصةً خلال الفترة التي تتطور فيها مهاراتهم اللغوية. وبصفتك والدًا، يمكنك الإصغاء إلى قصصهم لجعلهم يشعرون بالثقة والأمان برفقتك. حيث تترسخ هذا الأسس ليكونوا هم مستمعين جيدين ويطوروا ثقتهم أيضًا.
3. مقابلة النواقص باللطف
يتوقع الكثير من الآباء أن يتفوق أطفالهم في كل ما يفعلونه. وعندما لا يحقق الطفل توقعاتهم، فإنهم يعبرون عن خيبة أملهم تجاهه بطرق عديدة عبر اتهامه بعدم الكفاءة. لكل طفل قدرة فريدة، وبصفتك وليًا لأمره، يجب عليك تحديد تلك القدرة وتشجيعها. ويمكنك تقديم مساعدة لطيفة لتحسين أوجه القصور لدى الطفل دون التقليل من ثقته في نفسه.
4. الامتناع عن المقارنة
إن مقارنة طفلك بالأصدقاء والأقارب والجيران الآخرين يمكن أن يلحق الكثير من الضرر بشخصيته. فالمقارنة المستمرة للطفل بشخص ما يبعث رسالة إلى الطفل تفيد بأنه ليس جيدًا بما فيه الكفاية. يصاب الأطفال بالارتباك بشأن هويته الخاصة ويبدأ في محاكاة الآخرين. ولا شك أن احترام فردانية الطفل وشخصيته المنفردة هي الخطوة الأولى والأهم في بناء ثقته وتحقيق أفضل النتائج له.
5. نموذج السلوك الصحيح
يتعلم الأطفال مما يرونه أكثر مما يسمعونه. لذلك، يخلّف تنفيذك الأشياءَ التي تدافع عنها عمليًا انطباعًا دائمًا لدى الطفل. يتّبع الأطفال ما تفعله، بدءًا من الأشياء الصغيرة مثل إعادة ترتيب الكتب على الرف إلى إبداء التهذيب والكياسة أمام الضيوف. وإذا كان هناك أي نفاق أو اختلاف في سلوكك، فإن الطفل يتلقّاه بسرعة كبيرة. لذلك، من المهم جدًا أن تتفق أفعالك مع أقوالك ومواعظك.
6. تركُ الأطفال يلعبون
لقد تراجع اللعب بحرية تراجعًا كبيرًا لدى جيل الأطفال في أيامنا هذه نتيجةً للعديد من الأسباب. لا شيء يمكن أن يعلم القيم كالمشاركة والرعاية وروح الفريق والقدرة على التحمّل خلال ممارسة الرياضة. الرياضة والألعاب هي أفضل الأنشطة لتنمية شخصية الطفل. وللأسف، يحول الكثير من الآباء اليوم بين أطفالهم وبين اللعب الميداني ويمنعونهم حتى من ممارسة أي رياضة. ولتحقيق التكامل العقلي والجسدي الشامل لطفلك، يجب عليك إشراكه بنشاط في أي رياضة. ومن الرائع أن يستريح الأطفال كل يوم من ضغوط المدرسة ويظلوا مبتهجين.
7. الحد من الوقت أمام الشاشة
الأجهزة الإلكترونية هي مشكلة العصر الجديد التي تؤرق العديد من أولياء الأمور. وقد أظهرت الدراسات أن قضاء وقت طويل أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية يؤثر في التطور العقلي والاجتماعي للطفل. وتؤدي ممارسة الألعاب على الأجهزة الإلكترونية إلى الإدمان، وبالتالي تقليل وقت التفاعل الاجتماعي. اقض مزيدًا من الوقت مع طفلك في اللعب والسفر، وذلك لتحويل اهتمامه من الأجهزة الإلكترونية ومنحه تجربة حقيقية للأشياء المحيطة به. وعلّمه تقييم محيطه والأشخاص أكثر من الأشياء الافتراضية التي يراها.
عائلة سعيدة ذاهبة في رحلة
8. توضيح القواعد
يعد توضيح المسؤوليات للأطفال أمرًا ضروريًا لتحقيق فهمٍ صحي في المنزل. يخفق أولياء الأمور أحيانًا في توصيل ما يتوقعونه من الطفل وينتهي بهم الأمر إلى اتهامه بسوء السلوك. وعندما تكون القواعد بسيطة وواضحة، يتعلم الطفل ضبط سلوكه طبقًا للتوقعات ببطء وثبات. وقد يستغرق الأطفال أوقاتًا لضبط أنفسهم طبقًا لمجموعة القواعد، ولكن الالتزام المستمر بمدونة قواعد سلوكية يحوّل ذلك إلى عادةٍ في النهاية.
9. تشجيع الاستقلالية
عادةً ما يساعد الوالدان الأطفال الصغار في جميع أعمالهم إلى حد يعرقلون به نمو تكوين شخصية الطفل المستقلة أو استقلاله بشكل عام. في حين أن الاهتمام والرعاية مهمان، من المهم أيضًا تعليم الأطفال تدبير مسؤولياتهم البسيطة ببطء. وبالنسبة لأشياء من قبيل تعبئة حقيبتهم المدرسية أو تفريش أسنانهم أو أداء واجباتهم المدرسية، يمكنك تشجيع طفلك على القيام بذلك بشكل مستقل مع الحد الأدنى من الإشراف. ولا يدرّبهم ذلك على المهارات الحياتية الأساسية فحسب، بل يحسّن أيضًا شعورهم بالمسؤولية.
10.التربية بلطف
إن التوبيخ الجسدي للطفل أو الصراخ عليه يزيد الأمور سوءًا لك ولطفلك. وفي كثير من الأحيان، يتأثر الأطفال بالصراخ ويأخذونه على محمل الجد، ولا يؤدون الإجراءات التصحيحية التي يتوقع منهم اتخاذها حيال خطأ ما. من شأن توضيح عواقب الأفعال الصادرة عن الطفل بلطف وصبر أن يكون وسيلة فعالة لإحداث التغيير المنشود في ذهنه. وعندما تصرخ في وجه طفلك، فإنه يلتزم خوفًا منك وليس فهمًا لعواقب تصرفاته. وإن شرح عواقب تصرفات الطفل بوضوح أو حتى السماح له أحيانًا بمعايشة نتائج أعماله يساعده في فهم العلاقة بين السبب والنتيجة.
مغالطات حول تنمية الشخصية لدى الأطفال
غالبًا ما يساء تفسير كلمة “الشخصية“. وإنها لمغالطة أن نقول إن شخصية الطفل تقتصر على المظهر. يركز الآباء على الملابس والعناية بالصحة ويغفلون عن أن هذه الأمور ليست سوى جانب واحد. بل إن نظرة الطفل نحو الحياة والمعرفة والمهارات الاجتماعية والمهارات الشخصية وغير ذلك يساهم في بناء شخصية متوازنة.
تذكري أن تنمية الشخصية عملية طويلة الأمد قد تواجه بعض الانتكاسات المؤقتة. ومن المؤكد أن بذل جهد متواصل في سبيل غرس القيم والسلوكيات والمواقف الإيجابية سيؤتي ثماره على المدى الطويل وأنت تستمتع بتنشئة فردٍ متكاملٍ على النحو الذي يرضيك.