بعض الآباء مهووسون بأطفالهم، ويحومون فوق رؤوسهم باستمرار، ويتخذون قرارات أطفالهم ويخنقونهم بحضورهم، ولا يجب أن تخطيء الفهم، فإنه من الأفضل أن تعتني بطفلك وأن تكونين متواجدة دائمًا من أجله، ولكن هناك فرق بين التواجد عندما يحتاج طفلك إلى ذلك وبين التواجد بغض النظر عن ذلك. دعينا نتحدث عما يُعرف باسم “المربي مثل الطائرة الهليكوبتر” أو ما يعرف باسم Helicopter Parenting ، وما إذا كنت أماً مفرطة في الرقابة على حياة طفلها أم لا.
ما هي الأبوة والأمومة المفرطة؟
ظهر المصطلح لأول مرة في عام ١٩٦٩، في كتاب “بين الوالد والمراهق” للدكتور هاييم جينوت، حيث أنه تمامًا مثل المروحية التي تحوم فوق رؤوس الأشخاص، فإن “المربي مثل الطائرة الهليكوبتر” هو الشخص الذي يحوم دائمًا حول طفله أو طفلها – يقوم بأشياء يمكن للطفل القيام بها بمفرده، ويهتم بالمشكلات التي يمكن للطفل حلها بمفرده، وينهي أعمال الطفل بنفسه، وهذا المصطلح يعني الإدارة الدقيقة لكل جانب من جوانب حياة طفلك، والإفراط في الانخراط في حياته في الحب أو الرعاية. بالرغم من أن الكثيرين قد يجادلون بأنه لا حرج في ذلك، لكن في الواقع قد يكون لهذا النوع من التربية آثار ضارة طويلة الأمد على حياة طفلك.
أمثلة عن الأبوة والأمومة المفرطة
هناك نمط ثابت معين مرتبط بأسلوب تربية الأبوة والأمومة المفرطة. فيما يلي بعض الأمثلة على الأبوة والأمومة المفرطة:
- إن إبنةعالية عمرها خمس سنوات، لكن لا تزال عالية تختار الملابس التي ترتديها ابنتها كل يوم.
- يحب سلمان اصطحاب ابنته أميرة، وعمرها ثلاثة سنوات، إلى الحديقة، ولكنه لا يترك يدها ابداً، ومن ناحية أخرى، لا تزال زوجته تطعم ابنهما البالغ من العمر ٥ سنوات.
- صالحة تساعد ابنها البالغ من العمر ١٠ سنوات على إكمال جميع واجباته المدرسية.
- يذهب إبن سلمى إلى الحضانة منذ أكثر من ثلاثة أشهر دون أن يبكي، ولكن لا تزال تنتظر خارج حجرة الدراسة طوال اليوم حتى تتمكن من الذهاب إليه فورًا في حالة بدأ في البكاء.
- تتصل عائشة بمدرسة ابنتها كل يوم وتشكو للمعلم عن الأطفال الآخرين الذين يبدو أنهم يزعجون طفلها طوال الوقت.
علامات الأبوة والأمومة المفرطة
هل أنت مفرطة في أمومتك؟ للتحقق مما إذا كنت كذلك أم لا، إليك بعض العلامات التي يمكنك التفكير فيها، ومعرفة ما إذا كنت تمارسينها:
- أنت تقومين بالعمل الأكاديمي لطفلك مثل الواجبات والمشاريع وغير ذلك.
- تحاولين تدريب المعلمين والمعلمين للتعامل مع طفلك.
- حتى لو كانوا يسيرون لمسافة قصيرة، فإنك تكونين مع أطفالك.
- أنت لا تدعيهم يتعاملون مع مشاكلهم.
- أنت لا تدعيهم يتخذون خيارات مناسبة لأعمارهم.
- تقومين بجميع الأعمال المنزلية لطفلك.
- أنت تحميهم من الفشل.
- أنت تتحدثين وتتفاوضين بدلاً من طفلك عندما يواجه أي مشكلة.
أسباب الأبوة والأمومة المفرطة
هناك أسباب الأبوة والأمومة المفرطة، وهي:
- الحب – الحب هو الشعور الأبوي الأساسي الذي يحث الكثير من الآباء، والذي يؤدي إلى الأبوة والأمومة المفرطة. أنت تحبين طفلك كثيرًا لدرجة أنك تريدين حمايته من أي شيء، حتى ولو كان بسيطاً، وتريدين إبعاده عن أي أذى. ومع ذلك، أثناء فعلك لهذا، ينتهي بك الأمر بإيلاء اهتمام زائد لحياة طفلك.
- الحاجة إلى السيطرة – حتى لو كان طفلك يكبر، ما زلت تفكرين فيه على أنه طفلك، وتعتقدين أنك تحتاجين إلي التحكم في كل جانب من جوانب حياته.
- انفجار المعلومات – كما هو الحال الآن، لا تخلى الإنترنت والأجهزة الذكية الأخرى في هذه الأيام من نقص في المعلومات حول كيفية تربية طفلك، وقراءة الكثير من المقالات عن التربية السليمة تجعلك تريدين التأكد من تطبيق كل شيء بشكل صحيح في كل دقيقة من كل يوم لطفلك.
- القلق – بصفتك أم، إذا كنت دائمًا تقلقين وتترددين في كل خطوة تقومين بها، فإنك تميلين إلى إلقاء هذه المخاوف على طفلك وتشعرين بالقلق بشأن سلامة الطفل وسعادته أيضًا.
- الإفراط فى التعويض – عند عدم الحصول على المودة أو الحب من والديك أثناء طفولتك، فأنت تميلين إلى الإفراط فى التعويض عن هذه الخسارة، وتخنقين أطفالك بمزيد من الاهتمام والرعاية.
- عالم متغير – يتغير العالم باستمرار ويصبح أكثر تحديًا وتنافسية، وأنت تشعرين بالتوتر بشأن مستقبل طفلك وتعتقدين أنه يصعب عليه الحياة في العالم الكبير السيئ.
- ضغوط الأقران – قد تلاحظين أصدقاءك وجيرانك يحومون حول أطفالهم باستمرار وتشعرين بالضغط للقيام بذلك أيضًا.
التأثيرات السلبية
قد تسألين “ما هو الخطأ في ذلك؟“. أظهرت الأبحاث أن الأبوة والأمومة المفرطة قد تؤثر سلباً عليك وعلى طفلك. فيما يلي بعض مخاطر الأبوة والأمومة المفرطة:
- تمرين بدني بشكل أقل – إذا كنت تحومين حول طفلك كثيرًا في حديقة أو مكان عام، فلن يتمكن من اللعب كما يريد، وبسبب ذلك قد لا يحصل على تمرين بدني كاف.
- يشعر الأطفال بالإحباط – عندما يكبر طفلك ويرى أن أصدقائه قادرين على فعل الأشياء بمفردهم بينما قد لا تزالين تساعدينه طوال الوقت، قد يصاب بالإحباط الشديد.
- تمارين عقلية أقل – إذا كنت تساعدين طفلك دائمًا على القيام بأشياء يجب أن يفعلها بنفسه، فلن يتعلم أبدًا. يحتاج الأطفال إلى التفكير أثناء التعلم حتى يتعلموا جيدًا، وقد يتقف عن المحاولة في منتصف الطريق معتقدًا أنك ستكونين دائمًا هناك لإكمال أي نشاط من أجله.
- الدلع الزائد – قد يبدأ طفلك في الشعور بأنه يستحق كل ما تفعلينه من أجله، ويتوقع أن تفعلى كل شيء بالفعل، والذي قد يكون خطير للغاية في المستقبل.
- عدم تطور المهارات الحياتية بشكل كامل – إذا كنت تقومين باستمرار بجميع الأعمال المنزلية لطفلك، فلن يتعلم أبدًا كيفية إدارة المنزل، أو إدارة الأسرة، أو الحياة الشخصية. سيفتقد الكثير من الخبرة العملية.
- لا يمتلك الأطفال مهارات حل المشكلات – إذا كنت تساعدين دائمًا في حل مشاكل طفلك، والتي ربما يكون قد بدأها في المقام الأول، فلن يطور طفلك أبدًا مهارات حل المشكلات للتعامل مع مثل هذه الحالات.
- لا يعتمد الطفل علي نفسه – يحتاج جميع الأطفال إلى بعض المرونة لتطور مهاراتهم في اتخاذ القرار، وسوف تحدين من استقلالية طفلك وتؤثرين على ثقته بنفسه، واحترامه لذاته من خلال التحليق حوله، وسينتهي به الأمر بالاعتماد على الوالدين مدى الحياة.
- شعورك بمشاعر سلبية طوال الوقت – عندما تفكرين في كل شيء لطفلك، تبدئين في الشك في قراراتك، وينتهي بك الأمر إلي الشعور بالتعاسة والقلق طوال الوقت، وقد تبدئين في التفكير في أنك لا “تفعلين ما يكفي” لطفلك وتشعرين بالاكتئاب.
كيفية تجنب الأبوة والأمومة المفرطة
الآن وقد ناقشنا مخاطر الأبوة والأمومة المفرطة، فإن الخطوة الثانية هي أن نتعلم كيفية تجنب ذلك. تذكري نقطة ضرورية للغاية – القلق لا يساوي الحب. لذا إذا كنت تعتقدين أنك لست أماً صالحةً إذا لم تقلقين بدرجة كافية، فهذا مفهوم خاطئ وغير صحيح.
فيما يلي بعض النصائح لتجنب الأبوة والأمومة المفرطة:
- تعرفي على مهارات طفلك – راقبي طفلك واكتبي ما يمكنه فعله بنفسه. تحدثي إلى معلمه واسأليه عما يفعله بنفسه في المدرسة، مثل الذهاب إلى الحمام أو تناول الطعام. قومي بكتابة قائمة بكل ما يستطيع طفلك القيام به بنفسه وتجنبي مساعدته في القيام بذلك.
- ممارسة البعد أثناء اللعب – اصطحبي طفلك إلى الملعب أو الحديقة في وقت الفراغ، اجلسي ودعي طفلك يلعب كما يريد في الملعب. امنعي نفسك من التحليق حوله، واجلسي وراقبي ما يحدث. يمكنك ملاحظة كيف يكون الأمر عندما لا تمسكين يده دائمًا. سيعطيك هذا الثقة لتركه عندما يلعب المرة القادمة.
- دعيه ينهض من تلقاء نفسه – بصفتك أم، من الواضح أن لديك غريزة قوية لحماية طفلك من الألم والصراع. ومع ذلك، تذكري أنك لن تكوني دائمًا في الجوار عندما يسقط، لذا دعيه يفشل ويسقط ويصاب بخيبة أمل، حيث سيؤدي ذلك إلى إعداده بشكل أفضل للمستقبل ومساعدته على اكتساب الثقة لمعالجة مشاكله بشكل مباشر.
- التخطيط لليوم بشكل جيد – في بعض الأحيان نفرط في الأمومة عن طريق الصدفة! مثلاً، إذا كنت تركضين في وقت متأخر من الصباح، ويواجه طفلك صعوبة في ارتداء زي المدرسة بنفسه، ففي عجلة من أمرك، تجدين أنه من الأسرع القيام بذلك بنفسك بدلاً من منحه الوقت للقيام بذلك بنفسه. لكن إذا كنت تخططين ليومك، فيمكنك إخبار طفلك بالمهام التي يتعين عليه القيام بها بنفسه في الصباح، بهذه الطريقة، يمكنك الهدوء، ويمكن لطفلك أن يتعلم كيف يكون مستقلاً.
- تجنبي الأمومة المفرطة– لا تحومي فوق طفلك مثل المروحية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. بدلاً من ذلك ابقي بعيدًة، ولكن كوني مستعدة دائمًا في أي لحظة عندما يكون في خطر أو يحتاج إلى المساعدة.
من الضروري تجنب الأبوة والأمومة المفرطة، والسماح لطفلك بالتعامل مع العالم، وعندها فقط سيصبح شخص قوي ومستقل وقادر على اتخاذ القرارات الصحيحة، وتجنبي حل مشاكل طفلك كلما سنحت الفرصة، حيث سيساعدك هذا على بناء طفل واثق من نفسه.