التأمل هو الترياق الطبيعي للتوتر واضطراب الحواس الذي يعاني منه الأطفال بشكل يومي في المدرسة والمنزل، فالتأمل يسمح لهم بزيادة التركيز وتنظيم عواطفهم والانتباه التام في أي موقف في الحياة. بشكل عام، يضفي التأمل إحساسًا بالمركز والتوازن ويبني المرونة.
يميل الأطفال إلى أن يكون لديهم اتصال روحي أعلى، على عكس البالغين الذين يسيطر عليهم الكبرياء إلى حد ما، مما يحد من التواصل الروحاني. من خلال ممارسة التأمل، يمكن للأطفال بسهولة السيطرة على غرورهم والاتصال بالنفس الداخلية عندما يتم تعليمهم كيفية القيام بذلك. يمكنك البدء في المنزل أو بتسجيل طفلك في أقرب مركز يعلم التأمل للأطفال. البرامج المدرسية التي تقدم التأمل هي أيضًا طريقة رائعة لبدء طفلك في مشوار التأمل.
يمكن استخدام عدد من التقنيات لإبقاء العقل في حالة تأمل وبعضها مصمم خصيصًا ليكون جذابًا للأطفال ويسهل عليهم القيام به.
التأمل الموجه هو طريقة توفر عنصرًا مرئيًا لتمارين التنفس التي تمنع عقول الأطفال من الشرود أثناء التأمل وتحافظ على تركيزها.
تتضمن هذه التقنية تعليم الأطفال تصور البطن على شكل بالون. في كل مرة يستنشقون فيها، يتخيلون أن بطنهم يتمدد مثل البالون، والسماح للزفير بالخروج مثلما نترك الهواء يخرج من البالون. قد يكون من الصعب توضيح ذلك للأطفال الذين تقل أعمارهم عن ٦ سنوات لأن الجلوس لفترة طويلة ليس ممتعًا بالنسبة لهم. حاولي إضافة حركة إضافية إلى التمرين مثل مد أذرعهم فوق رأسهم أثناء استنشاقهم لتمثيل منطادهم التخيلي المتمدد.
إذا كان لطفلك أخ كبير أو مثل أعلى يتطلعون إليه كشخصية رائدة، فيمكن استخدام هذه الطريقة للتأمل. التنفس هو القائد وعقل طفلك هو التابع والعقل يتبع القائد إلى حيث يقوده. اتبعي التنفس أثناء تحريكه من الداخل والخارج واحسبي عدد الأنفاس في نهاية كل زفير. إذا كان الطفل عادة هو القائد، فيمكنه أن يتخيل نفسه على أنه التنفس ويكون المثل الأعلى له، هو عقله.
هذه تقنية رائعة يمكن أن يستخدمها الأشخاص من جميع الأعمار عندما يشعرون بالتوتر أو عدم القدرة على النوم. إنه ينطوي على تقلص واسترخاء أجزاء من الجسم بشكل منهجي أثناء التنفس البطيء والعميق بالتزامن مع الجسم. على سبيل المثال، استلقِ بشكل مريح وخذي بعض الأنفاس العميقة أثناء الاسترخاء. ركزي الانتباه على إحدى القدمين وشديها واضغطي عليها بقوة للحصول على نفسين عميقين. استرخِ القدم فورًا واشعر بالتوتر يتحرر أثناء الزفير ببطء كرري الأمر نفسه مع القدم الأخرى واستمري في تحريك عضلات الجسم لأعلى عند نقاط مثل ربلة الساق والركبة والفخذين والوركين وما إلى ذلك.
يمكن أن يساعد التأمل قبل فصل دراسي، مثل الرياضيات، الطلاب على التعلم بشكل أفضل والحصول على درجات أعلى. قبل بدء الفصل مباشرة، يُقبل الطلاب على الجلوس في وضع مريح في مقاعدهم وأيديهم على المكتب، والقدمين مستوية على الأرض والظهر مستقيماً، وتكون عيونهم مسترخية ومغلقة بينما يستمعون إلى ترنيمة أو همهمة بأنفسهم.
يتعلم الأطفال من مختلف الفئات العمرية بشكل مختلف ويكاد يكون من المستحيل جعلهم يجلسون في مكان واحد لفترات طويلة. تعد إضافة الحركات الجسدية والتخيلات الذهنية جنبًا إلى جنب مع تقنيات التنفس طريقة فعالة لممارسة التأمل.
بالنسبة للأطفال في هذه الفئة العمرية، جرب طريقة اللوتس للتنفس التي ترتبط بالنفس والمشاعر. ابدأ الجلسة بأنشطة ممتعة تتضمن أغانٍ أو نقاشات تكوّن الفكرة أو تركز انتباههم على زهرة لوتس خيالية. يُطلب من الأطفال صنع اللوتس “مودرا” عن طريق لمس إبهامهم وخنصرهم معًا لإنشاء شكل زهرة اللوتس. ثم أخذ نفسًا عميقًا وتخيل رائحة الزهرة وكيف تشعر بعد شمها. يمكن أن تستمر الجلسة في طرح أسئلة حول شعورهم في تلك اللحظة، وكيف كان يومهم وما هي المشاعر التي مرت عليهم أثناء التأمل.
يمكن تعليم تقنيات التنفس التأملي للأطفال بعد هذا العمر. بمجرد أن يتقنوا عملية التنفس بالبالون، يمكن تعريفهم على طريقة “أنفاس الدب” الأكثر تقدمًا. تعمل تقنية التنفس الرائعة هذه على تخفيف التوتر والقلق ويمكن القيام بها في أي وقت خلال اليوم لشعور بالهدوء والتركيز. تتضمن هذه التقنية التنفس من خلال الأنف لمدة ٤ عدات، وحبس النفس لأربع مرات وإطلاقه لمدة ٤ عدات عبر الأنف.
أظهرت مئات الدراسات التي أجريت على التأمل على مر السنين فوائد صحية إيجابية مثل تحسين الذكاء العاطفي وعمل المخ والنمو النفسي وغير ذلك. لفهم أعمق، يمكن فهم فوائد التأمل على مستويات مثل:
يساعد التأمل والاهتمام المركّز الأطفال على استكشاف عقولهم بشكل أفضل والتوصل إلى أفكار جديدة. مكا يتم تحسين الذاكرة أيضًا مما يؤدي إلى تحسين الأداء والدرجات في المدرسة. كما أنه يقلل من القلق وحاجتهم إلى الترفيه المستمر، ويسمح لهم بالإبطاء وتحليل أنفسهم مما يمنع الميول التي تؤدي إلى الإدمان.
يساعد التأمل على تنمية المشاعر الإيجابية والتحكم بشكل أفضل في المشاعر السلبية. يتعلم الأطفال تقدير البيئة من حولهم وما لديهم من نظرة إيجابية عامة للحياة. كما أنهم يصبحون أكثر لطفًا وحنان تجاه الآخرين ويبنون قدرة أكبر على الحب. يؤدي ذكاءهم العاطفي العالي إلى المزيد من الثقة والسعادة.
تساعد التأثيرات المريحة للتأمل الأطفال على النوم جيدًا. والنتيجة هي التركيز الجيد، ونظام مناعة أقوى، وجسم يعمل بشكل صحي.
العقل يتبع النفس. لا يمكن أن يكون هناك تأمل دون التنفس السليم. لذلك من الضروري وضع أساس قوي لتقنيات التنفس. نظرًا لأن معظم طرق التأمل تبدأ بالتنفس كمرساة، يمكن للأطفال الذين يجيدون تقنيات التنفس التأمل جيدًا.
لا يمكن لجميع الأطفال اتباع التعليمات بشكل كامل، فهم لا يستجيبون دائمًا بالطريقة التي نتوقعها منهم. لذلك قم بتخصيص تقنية التأمل قليلاً لتناسب شخصيتهم بشكل أفضل. على سبيل المثال، قد لا يرغب بعض الأطفال في إغلاق أعينهم، وبدلاً من إجبارهم على القيام بذلك، يمكنك منحهم شيئًا للنظر إليه وهم يجلسون في وضعهم التأملي. في النهاية، التأمل هو رحلة شخصية لك ولهم.
إن منحهم منظرًا صحيًا وآمنًا وهادئًا للتخيل هو ممارسة جيدة للتأمل الموجه. الأطفال يتمتعون بالخيال الواسع والبناء وليس هناك حد للأشياء الممتعة التي يمكنهم تخيلها أثناء جلسة تأمل.
لا بد أن يكون الأطفال قلقين في البداية. يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يتعلموا الاستقرار في جلسة التأمل. اسمح لطاقاتهم أن تجد توازنها الخاص، حيث إن هناك الكثير من الطرق للتأمل، لذلك لا تلتصق بأي منها.
تأمل مع أطفالك كما تعلمهم. التأمل طريق ذي اتجاهين وممارسة التأما مع طفلك تجعل التجربة قيمة في كلا الاتجاهين.
عندما يتم تعليم الأطفال التأمل في سن مبكرة، يمكن أن يساعدهم ذلك على التعامل مع التوتر وعواطفهم بشكل أفضل والنمو ليعيشوا حياة أكثر صحة.