تأخر النمو داخل الرحم (Intrauterine Growth Restriction) هي حالة يتم فيها تعثر نمو الجنين ويكون حجم الجنين أصغر من ٩٠٪ من الأجنة التي تولد في نفس العمر. يُعرف الأطفال في هذه الحالة أيضًا باسم “الأجنة صغار الحجم بالنسبة لعمر الحمل” وتحدث هذه الحالة فيما يصل إلى ٥٪ من جميع حالات الحمل.
ما هو تقييد النمو داخل الرحم؟
تأخر النمو داخل الرحم هي حالة يكون فيها نمو الجنين بطيئًا أثناء وجوده في رحم الأم، وهي معروفة أيضًا باسم تعثر النمو داخل الرحم أو تقييد نمو الجنين.
أنواع الحالة
هناك نوعان من حالة تأخر النمو داخل الرحم – تأخر النمو داخل الرحم المتكافئ وتأخر النمو داخل الرحم غير المتكافئ.
تأخر النمو داخل الرحم المتكافئ
يشكل تأخر النمو داخل الرحم المتكافئ، المعروف أيضًا باسم تأخر النمو داخل الرحم الأولي، ٢٠–٢٥٪ من حالات تأخر النمو داخل الرحم. في هذه النوع من الحالات، يكون عند الجنين قيودًا عامة على النمو ويكون حجم جميع الأعضاء الداخلية أقل من الحجم الطبيعي.
تأخر النمو داخل الرحم غير المتكافئ
تأخر النمو داخل الرحم غير المتكافئ، والمعروف أيضًا باسم تأخر النمو داخل الرحم الثانوي، يحدث عندما يكون حجم رأس الطفل ومخه طبيعيًا بينما يكون باقي جسمه صغيرًا نسبيًا. يصعب تشخيص هذه الحالة ويمكن أن تمر دون أن يلاحظها أحد حتى الثلث الثالث من الحمل.
أسباب تأخر النمو داخل الرحم
قد يكون تأخر النمو داخل الرحم ناتجًا عن عوامل مختلفة، تتراوح من التاريخ الطبي للوالدين إلى مضاعفات تحدث أثناء الحمل. فيما يلي بعض أسباب تأخر النمو داخل الرحم:
- من المعروف أن بعض الحالات الطبية تسبب تأخر النمو داخل الرحم، والأسباب الرئيسية من بينها ارتفاع ضغط الدم المزمن، ومشاكل في وظائف الكلى، وأمراض القلب، واضطرابات الرئة، ومتلازمة الأجسام المضاضة للفوسفوليبيد، ومرض فقر الدم المنجلي، ومرض السكري المتقدم.
- إذا كانت هناك تشوهات في المشيمة أو كانت صغيرة في الحجم جدًا، فسيؤثر ذلك على عملية توفير العناصر الغذائية المطلوبة للجنين وفي إزالة الفضلات من دم الطفل، مما يؤدي إلى تأخر النمو داخل الرحم.
- من المعروف أيضًا أن التشوهات مثل انعدام المخ (غياب جزء كبير من المخ) ومتلازمة داون وعيوب الكلى وعيوب الكروموسومات وما إلى ذلك تسبب هذه الحالة.
- الأمهات اللائي يحملن في توأمان أو ثلاثة توائم قد يعانين أيضًا من تأخر النمو داخل الرحم.
- أمراض مثل الحصبة الألمانية والزهري وداء المقوسات التي تنقلها الأم.
- إذا كانت الأم تعاني من سوء التغذية أثناء الحمل، فسيتم تعثر نمو الطفل.
- يمكن أن تكون الأدوية المضادة للتشنجات التي تُعطى للأمهات أثناء الحمل سببًا أيضًا.
- إذا كانت الأم تعاني من نقص الوزن، فقد يكون لذلك تأثير مباشر على نمو الجنين.
- قد يتسبب خلل في الحبل السري أيضًا في تأخر النمو داخل الرحم.
ما هي أعراض تأخر النمو داخل الرحم؟
في حين أن صغر حجم الجنين قد يكون مؤشراً على الحالة، من المهم أيضًا ملاحظة أنه ليس كل الأطفال الذين يولدون صغارًا يعانون من حالة تأخر النمو داخل الرحم.
يتمثل العرض الأساسي لحالة تأخر النمو داخل الرحم هو أن يكون الجنين “صغير بالنسبة لعمر الحمل” (small for gestational age). يعتبر الجنين رضيعًا “صغير بالنسبة لعمر الحمل” عندما يكون الحجم المقدر للطفل أقل من النسبة المئوية العاشرة. أي إذا كان الوزن المقدر للجنين أقل من ٩٠٪ من الأجنة في نفس عمر الحمل. قد يبدو الطفل أيضًا نحيفًا، شاحبًا، ذو بشرة رخوة وجافة، أو يكون صغيراً في الحجم الكلي للجسم. كما أن الحبل السري رقيق وباهت بدلاً من أن يكون سميكًا ولامعًا.
تشخيص والاختبارات المتبعة في حالة تأخر النمو داخل الرحم
هناك العديد من الطرق التي يمتلكها الأطباء تحت تصرفهم للتحقق من الحجم المقدر للأطفال في الرحم. أحد أكثر تلك الاختبارات شيوعًا هو قياس المسافة من أعلى رحم الأم إلى عظم العانة. بعد ٢٠ أسبوعًا من الحمل، يجب أن يتوافق هذا القياس بالسنتيمتر مع عدد أسابيع الحمل تقريبًا. إذا كان القياس أقل من الرقم المتوقع، فهذا مؤشر قوي على أن الطفل لا ينمو بالطريقة الطبيعية.
هناك أيضًا اختبارات أخرى يمكن إجراؤها للتحقق من تأخر النمو داخل الرحم والتي تشمل:
١. الموجات فوق الصوتية
الموجات فوق الصوتية هي طريقة تصوير بالأشعة داخل الرحم تخلق صورة للطفل في الرحم باستخدام الموجات فوق الصوتية. تسمح الموجات فوق الصوتية للطبيب برؤية الطفل في الرحم وقياس حجم رأس الطفل وبطنه. ثم تتم مقارنة هذه القياسات بمخططات النمو لتقدير وزن الجنين. يمكن استخدام هذه الطريقة أيضًا للكشف عن كمية السائل الأمنيوسي في الرحم. إذا كان حجم السائل الأمنيوسي أقل من اللازم، قد يكون مؤشرا على تأخر النمو داخل الرحم.
٢. اختبار تدفق دوبلر
هذه طريقة لقياس تدفق الدم وكميته والسرعة التي يتدفق بها الدم عبر الأوعية الدموية. يمكن لاختبار الدوبلر في حالة تأخر النمو داخل الرحم قياس تدفق الدم في الحبل السري والأوعية الدموية في مخ الطفل النامي.
النساء المعرضات لخطر الاصابة بحالة تأخر النمو داخل الرحم
هناك العديد من العوامل التي قد تسبب تأخر النمو داخل الرحم. لقد لوحظ أن الأمهات اللائي يحملن في توائم وثلاثة توائم معرضات لخطر الإصابة بتلك الحالة، كما تتعرض الأمهات اللائي تعرضن لحالة تأخر النمو داخل الرحم سابقًا لهذا الخطر أيضاً. وقد لوحظ أن النساء ذوات الوزن المنخفض أو النساء ذوات الشهية الضعيفة يواجهن أيضًا بعض مخاطر الإصابة بها، كما أن النساء المصابات بأمراض الرئة وأمراض القلب واضطرابات الدم والكلى معرضة لخطر الإصابة أيضًا.
المضاعفات
تتضمن بعض المضاعفات التي يمكن أن تنشأ بسبب حالة تأخر النمو داخل الرحم:
- إن صغر حجم الطفل يعني أنه لا يمكنه الحصول على ما يكفي من الأكسجين والمواد المغذية.
- قد يتعين إجراء عملية قيصرية لأن الطفل قد لا يكون قادرًا على تحمل مشقة الولادة الطبيعية.
- يكون الجنين الذي يعاني من نقص الوزن عرضة للعدوى واليرقان.
- قد يجد الطفل الرضيع صعوبة في الرضاعة.
- قد لا يتمكن الطفل حديث الولادة من الحفاظ على درجة حرارة جسمه.
- في بعض الحالات، قد تحدث الولادة المبكرة.
- جهاز المناعة الضعيف يمكن أن يجعل الطفل عرضة للأمراض والعدوى.
- زيادة احتمال ولادة جنين ميت في حالة الوزن المنخفض للغاية عند الولادة.
- ولادة أطفال مصابون باضطرابات عصبية بسبب الوزن الخفيف للغاية.
- ولادة الأطفال الذين يعانون من إعاقة وظائف الكلى، مرة أخرى بسبب الوزن الخفيف للغاية.
تأثير تأخر النمو داخل الرحم
بعض تأثيرات حالة تأخر النمو داخل الرحم مذكورة أدناه:
- قد تظهر عند الأجنة المصابة بحالة تأخر النمو داخل الرحم، في بعض الحالات، تغيرًا في وظيفة القلب.
- قد يكون للحالة تأثير مباشر على قدرة الجنين على اكتساب إمكانات النمو الجيني بسبب الحرمان الغذائي.
- يمكن أن تؤدي التغذية غير الكافية إلى وفاة الجنين.
- الجنين الذي يعاني من تأخر النمو داخل الرحم معرض لخطر شديد من الاختناق في فترة الولادة، والذي يؤثر على أعضاء مختلفة.
- معدل وفيات الرضع مرتفع بين الأطفال التي تعاني من تأخر النمو داخل الرحم.
- قد يعاني الجنين أيضًا في بعض الأحيان من تأخر في النمو العصبي.
علاج تأخر النمو داخل الرحم والتعامل مع الحالة
هناك بعض الاحتياطات التي يمكن اتخاذها للتعامل مع تأخر النمو داخل الرحم. فيما يلي بعض منها
- التأكد من اتباع نظام غذائي صحي، وتجنب الأطعمة التي ذكرها طبيبك.
- عدم تفويت أي مواعيد مع الطبيب أثناء الحمل وما قبل الولادة.
- التحقق من الأدوية الموصوفة لمعرفة الآثار الجانبية.
- الراحة المناسبة يمكن أن تساعد الأجنة التي تعاني من تأخر النمو داخل الرحم خلال فترة الحمل.
على الرغم من عدم وجود علاجات أو أدوية محددة للنساء المصابات بحالة تأخر النمو داخل الرحم، إلا أن هناك بعض العلاجات التي يمكن أن تساعد:
- يمكن إعطاء الأم دواء لتحسين تدفق الدم.
- يمكن إعطاء الأم العلاج في الوقت المناسب لأي مضاعفات أخرى قد تكون لديها، والأعراض التي يمكن أن تساهم أيضًا في تأخر النمو داخل الرحم.
- يمكن إعطاء الأدوية عن طريق الوريد والمنشطات والمغذيات لمساعدة الجنين على النضوج بشكل أسرع.
الوقاية
بعض الإجراءات الوقائية التي يمكن اتخاذها هي:
- إذا كان من الممكن اكتشاف المشاكل التي يعاني منها الجنين في وقت مبكر، فيمكن معالجتها في وقت مبكر أيضاً. من الضروري حضور جميع مواعيد الطبيب أثناء الحمل وما قبل الولادة.
- إذا كان الجنين لا يتحرك بشكل كافٍ أو لا يركل بشكل كافٍ، قومي بزيارة طبيبك لأنه قد يشير إلى وجود مشكلة.
- يجب فحص جميع الأدوية التي تستهلكها الأم لأن بعض الأدوية التي يمكن أن تتناولها الأم قد يكون لمضاعفات أخرى قد تشكل تهديدًا على الجنين.
- تناول طعامًا صحيًا.
ماذا الذي يجب أن تتوقعينه بعد الولادة؟
تأخر النمو داخل الرحم ليس نهاية العالم، لأن معظم الأطفال اللذين يعانون من تأخر النمو داخل الرحم ينمون بعد الولادة مثل الأطفال الآخرين. في حالة تأخر النمو داخل الرحم الشديد، قد يواجه الأطفال المضاعفات التي يواجهها الأطفال الخدج، ولكن يمكنهم أيضًا أن يعيشوا حياة طبيعية بمجرد بلوغهم سن الثالثة. في حين أن تأخر النمو داخل الرحم هو حالة محفوفة بالمخاطر، فإن التقدم في الطب الحديث وزيادة الوعي والمعرفة بالحالة اليوم يسمحان لنا بمعالجة معظم المشاكل المرتبطة به.