إن أكثر مشهد صعب بالنسبة للآباء والأمهات الجدد هو رؤية طفلهم الصغير يبكي باستمرار. فرؤية طفلك في مثل هذه الحالة وعدم القدرة على فهم السبب الدقيق لذلك قد يكون أمرًا شاقًا للغاية بالنسبة إلى الوالدين. فإذا كان طفلك يبكي باستمرار دون سبب، فقد يعاني من المغص. ويمكن أن يكون المغص عند الأطفال تجربة غير مريحة للغاية للطفل وكذلك للوالدين. ما يقرب من 30 في المئة من الأطفال حديثي الولادة يشعرون بالمغص. وإليك كل ما تحتاجين لمعرفته حول المغص عند الأطفال وكيف يمكنك التعامل معه بفعالية.
ما هو المغص عند الأطفال؟
يعد البكاء أمرًا طبيعيًا جدًا عند الأطفال، حيث إن الأطفال يعبرون به عن عدم ارتياحهم ويجذبون انتباه الوالدين إلى تلبية احتياجاتهم. لكن إذا لاحظت أن طفلك يبكي بدون انقطاع ودون أي سبب ظاهر، فلا يجب أن تظل جاهلًا بالسبب، فقد يكون مصابًا بالمغص. المغص ليس مرضًا خطيرًا أو مرضًا يجب أن تقلق بشأنه. ولكن إذا كان عمر طفلك أقل من ستة أشهر وكان يعاني من نوبات بكاء قد تستمر لمدة تصل إلى ثلاث ساعات أو أكثر، لمدة ثلاثة أيام أو أكثر في الأسبوع، وعلى امتداد ثلاثة أسابيع أو أكثر، فقد يعاني طفلك من المغص. وهو يظهر عادة بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من الولادة ويختفي في الوقت الذي يبلغ فيه عمر طفلك من ثلاثة إلى أربعة أشهر. وعلى الرغم من أن المغص قد يخيفك، إلا أن الخبر السار هو أنه سوف يهدأ تدريجيًا من تلقاء نفسه.
ما الذي يسبب المغص عند الرضع؟
لا يوجد سبب محدد قد يسبب المغص عند الرضيع؛ ومع ذلك، قد يكون هناك بعض المسببات لذلك. وفيما يلي الأسباب التي يمكن أن تسبب المغص عند الرضع:
1. الارتجاع المعدي المريئي:
في هذه الحالة، تنتقل محتويات معدة الأطفال، مثل حمض المعدة إلى أعلى المريء. وهذا يؤدي إلى ألم حاد أو مغص عند الأطفال.
2. الجهاز الهضمي غير الناضج:
الجهاز الهضمي للطفل حديث الولادة لا يزال يتطور، وبالتالي فإن كل ما يتم إطعامه للطفل ينتقل بسرعة إلى الأمعاء ولا يتم هضمه تمامًا، وهذا قد يؤدي إلى تكوين الغازات التي قد تسبب الألم والمغص عند الأطفال حديثي الولادة.
3. عدم التحمل أو الحساسية:
قد يكون بعض الأطفال لديهم حساسية تجاه بعض الأطعمة. وفي بعض الأحيان يكون الأطفال مصابين بعدم تحمل اللاكتوز وبالتالي قد يكون لديهم حساسية من لبن الأم. لذا فإن تم إرضاعهم فقد يصابون بالمغص.
4. الأطفال الحساسون:
يُعتقد أيضًا أن البكاء عند الأطفال الحساسين هو وسيلة لتخفيف التوتر البدني. لذلك، يعتبر المغص أكثر شيوعًا عند الأطفال الذين يتعرضون بسهولة للتوتر بسبب الضوضاء والأصوات الغريبة.
5. ابتلاع الغاز أثناء التغذية:
قد يبتلع الأطفال الكثير من الغازات أثناء جلسات التغذية. فالغازات يمكن أن تجعل الأطفال غير مرتاحين ويؤدي إلى مغص.
6. حمية الأم ونمط حياتها:
يرى بعض الخبراء أن المغص قد ينتج أيضًا عن العديد من خيارات الحمية وأسلوب حياة الأم أثناء الحمل. فعلى سبيل المثال، فإن النساء اللاتي يدخنن أثناء الحمل أو يدخن عندما يُرضعن أكثر عرضة لإنجاب أطفال مصابين بمغص.
7. خلل في البكتيريا الصحية:
يلاحظ أيضًا أن الأطفال الذين لديهم مغص يكون لديهم أنواع وكميات صغيرة من بكتيريا الأمعاء الدقيقة مقارنة بالأطفال الذين ليس لديهم مغص. لذلك، فهناك خلل في البكتيريا الصحية عند الأطفال الذين يعانون من المغص
وعلى الرغم من أن معظم حالات البكاء المحموم عند الأطفال ترتبط عمومًا بالمغص، إلا أنه ليس من الضروري أن يكون البكاء المتواصل مؤشرًا على المغص. فهناك أمراض أخرى مثل الفتق والتهابات المعدة والحالات المرضية الأخرى التي يمكن أن تجعل طفلك يبكي بغزارة. ومن الضروري على الوالدين تحديد علامات وأعراض المغص.
علامات وأعراض مغص الطفل
لتحديد وجود مغص لدى طفلك، يمكنك البحث عن العلامات والأعراض التالية:
1. نمط البكاء مختلف:
قد تجد عادة فرقًا كبيرًا بين البكاء بسبب المغص والبكاء الطبيعي، وقد يصدر الطفل المصاب بمغص صريخًا عالي النبرة.
2. نوبات البكاء تحدث في نفس الوقت:
قد تلاحظ أن طفلك يصاب بنوبات مغص في نفس الوقت تقريبًا كل يوم. حيث يُلاحظ أن الأطفال يميلون إلى الإصابة بمغص في الغالب في وقت متأخر من الظهر وقد يزداد مع تقدم المساء. لذا عندما تذهب كل محاولاتك لتهدئة طفلك عن طريق التغذية أو الهز دون جدوى، فقد يدلك هذا على المشكلة – نعم، إنه من أعراض المغص.
3. تغيير الأوضاع:
عادةً ما يقوم الأطفال المصابون بالمغص بتقويس ظهرهم وإحكام قبضتهم وثني أرجلهم أثناء البكاء. لذا يمكن للتغير في وضع جسم طفلك بهذه الطريقة أن يكون مؤشرًا واضحًا على المغص.
4. العلامات الجسدية:
يمكن البحث أيضًا عن علامات جسدية، مثل الوجه شديد الاحمرار والتجشؤ المتكرر والبطن المشدودة في طفلك. حيث يميل الرضع الذين يعانون من المغص إلى استنشاق الكثير من الهواء، وبالتالي يتجشؤون أكثر من المعتاد.
يوصى بالتواصل مع طبيبك إذا تعرفت على أي من علامات وأعراض المغص المذكورة أعلاه لدى طفلك، فمن المهم أن يتم طلب المشورة الطبية في بعض حالات المغص.
العلاج الطبي للمغص لدى الأطفال الصغار
لا يحتاج المغص بشكل عام إلى أي علاج طبي؛ ولكن المرض الذي يسبب المغص هو ما يجب تحديده وعلاجه. وفيما يلي بعض التدابير التي قد يصفها طبيبك لعلاج آلام المغص عند الرضع:
1. البكتيريا المفيدة:
البروبيوتيك أو البكتيريا الجيدة مفيدة لأمعاء طفلك لأنها تحافظ عليه بصحة جيدة. وقد يصف طبيبك جرعة إضافية من البكتيريا المفيدة (البروبيوتك) لتخفيف أي انزعاج في البطن قد يعاني منه طفلك. ويمكن إعطاء الجرعة المضافة من خلال الحليب الصناعي أو حتى من خلال حليب الأم.
2. قطرات أو دواء تخفيف الغازات:
قد يصف طبيبك قطرات أو دواء مغص للأطفال لتخفيف المغص لدى طفلك. يُنصح أيضًا بإعطاء محلول المغص للرضع (ماء غريب) لتخفيف الغازات عند الأطفال.
3. قد يوصى بتغيير الحليب الصناعي:
إذا كان المغص ناتجًا عن عدم تحمل اللاكتوز أو الحساسية، فقد يصف الطبيب تركيبة لا تحتوي على الحليب لطفلك. حيث يتم هضم التركيبة المائيّة بسهولة وهي أخف على بطن طفلك.
يجب الامتناع عن استخدام أو إعطاء أي نوع من الأدوية دون وصفة طبية للمغص.
العلاجات المنزلية للأطفال الذين يعانون من المغص
قد تساعد التدابير العلاجية الطبيعية أو المنزلية في تخفيف المغص عند الأطفال. وفيما يلي بعض العلاجات الطبيعية للمغص عند الأطفال والتي يمكنك تجربتها لتهدئة طفلك:
1. بذور الشمر:
يمكن إعطاء الطفل مستخلص مصنوع من ملعقة صغيرة من بذور الشمر في كوب من الماء الدافئ مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم. فبذور الشمر فعالة جدًا في توفير الإغاثة من آلام الغاز والمعدة.
2. الريحان:
إن الخصائص المضادة التشنج للريحان تساعد في توفير الراحة من الآلام المعوية الخفيفة. يمكن وضع أوراق الريحان المجففة في كوب من الماء الدافئ لبضع دقائق. ويمكن إعطاء ملعقة إلى ملعقتين صغيرتين من هذا المستخلص للطفل لتوفير الراحة من المغص.
3. الأنجدان:
تعمل الخاصية المضادة للانتفاخ في الأنجدان عجائب في تخفيف المغص عند الأطفال. ويمكن أخذ حفنة من الأنجدان وصنع منها عجينة بإضافة القليل من قطرات الماء. ثم يمكن وضع هذا العجينة على بطن الطفل مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم.
4. تجشؤ طفلك بعد كل إطعام:
يعتبر تجشؤ طفلك مهمًا جدًا بعد كل جلسة تغذية. حيث يميل الأطفال إلى استنشاق الكثير من الهواء أثناء الرضاعة، وهذا الهواء يصبح محاصرًا ويسبب ألمًا حادًا في البطن. ولتجنب ذلك، يجب وضع الطفل في وضعية منتصبة والطبطبة برفق على ظهره وبطنه بعد كل إطعام.
5. تمرين ثني الركبة برفق:
إن تمرين ثني الركبة أو دفعها فعال جدًا في تخفيف مشاكل الغازات وآلام المغص عند الأطفال. اجعلي طفلك مستلقيًا على ظهره ومن ثم يمكنك ثني ساقيه نحو الركبتين ثم دفعهما نحو البطن. يمكنك تكرار هذا التمرين من أربع إلى خمس مرات.
6. تدليك الجسم
: ثبت أن التدليك بالزيت فعال للغاية في مكافحة آلام المغص عند الأطفال. حيث يساعد التدليك على الهضم ويمنع أيضًا تكوين الغازات. يمكن تدفئة أي زيت تدليك جيد (زيت زيتون أو لوز أو أي زيت تدليك للأطفال) والتدليك برفق في حركات دائرية.
7. وضع ضمادات دافئة:
أثبتت الضمادات الدافئة فعاليتها الشديدة في توفير الراحة من المغص. يمكن أخذ قطعة قماش ناعمة وغمسها في ماء دافئ. ثم التخلص من الماء الزائد ووضع قطعة القماش الدافئة على بطن طفلك بحركات دائرية. يتم اتباع هذه العملية مرتين في اليوم.
8. الحمام الدافئ:
إن غسل جسم طفلك بالماء الدافئ هو وسيلة ممتازة للتخلص من المغص. فالحمام المائي الدافئ يريح الجسم ويساعد طفلك على النوم بشكل أفضل. يتم ملء حوض الطفل بالماء الدافئ ووضع الطفل فيه. يمكنك الطبطبة بلطف على بطن طفلك لإخراج أي غازات محصورة.
9. زيت النعناع:
يحتوي زيت النعناع على خصائص مهدئة. يمكن مزج بضع قطرات من زيت النعناع مع زيت التدليك لطفلك واستخدامه بحركات دائرية في على منطقة بطن طفلك. يمكن القيام بذلك مرتين في اليوم للمساعدة في تخفيف ألم طفلك من المغص.
10. بذور الكمون:
تعتبر بذور الكمون علاجًا منزليًا رائع للمغص. يمكنك نقع ملعقة صغيرة من بذور الكمون في كوب من الماء الدافئ. ثم إعطاء ملعقة صغيرة من هذا المستخلص لطفلك ثلاث إلى أربع مرات في اليوم.
على الرغم من أن العلاجات المنزلية المذكورة أعلاه فعالة لعلاج المغص، إلا أنه يُنصح بالبحث عن إرشادات طبية قبل اعتماد أي من هذه التدابير لطفلك.
كيفية تهدئة طفل يعاني من المغص؟
قد يكون المغص حالة مؤلمة للغاية للطفل ويمكنه أن يكون أمرًا مرهقًا جسديًا وعقليًا للوالدين. فيما يلي بعض التدابير التي يمكن استخدامها لتوفير الراحة لطفلك:
1.الغناء لطفلك:
الغناء يمكن أن يهدئ الطفل حقًا. حيث يجد الأطفال صوت والديهم مهدئًا للغاية ويساعدهم على التغلب على الألم.
2. جربي هدهدته في أوضاع مختلفة:
مع وضع بطن طفلك على ساقيك، قومي بهز الطفل برفق. هذه الحركات يمكن أن تكون مهدئة للغاية للطفل. ومع ذلك فكل طفل مختلف، لذلك حاولي معرفة أي وضع يعطي أقصى قدر من الراحة لطفلك المصاب بمغص.
3. حاولي إلهاء طفلك:
إن الإلهاء هو أحد أفضل الطرق لجعل طفلك ينسى الألم، ويمكن أن يكون اصطحاب طفلك في سيارة أو عربة أطفال فكرة جيدة.
4. تشغيل بعض الموسيقى:
قد يؤدي تشغيل بعض الموسيقى الهادئة إلى تهدئة طفلك. فالأطفال يحبون الموسيقى ذات الإيقاعات، وبالتالي يمكنهم البقاء ملهيًا.
5. الإمساك بالطفل في وضع مستقيم:
يساعد الإمساك بالطفل في هذا الوضع على عملية الهضم وبالتالي يمنع أي أنواع من الارتجاع.
6. محاولة تغيير نظامك الغذائي ونمط حياتك:
قد يساعد تغيير نظامك الغذائي ونمط حياتك على الحد من المغص عند الأطفال. فقد يكون ذلك فعالًا في الحالات التي تدخن فيها الأم أو التي تتبع فيها نظامًا غذائيًا قد يسبب إزعاجًا للطفل.
7. الاستحمام:
حمامات المياه الدافئة فعالة في توفير الراحة من المغص.
8. تقديم لهاية:
يمكن أن يكون تقديم لهاية فكرة جيدة، حيث أن المص يهدئ الأطفال. وفي بعض الأحيان، لا يُشبع الإرضاع الطبيعي أو الحليب الصناعي من غرائز المص للطفل ويؤدي إلى سلوك منزعج. يمكن أن يزداد هذا الانزعاج عندما يعاني الطفل من المغص. لذلك، يمكن تقديم لهاية لتهدئة طفلك.
لا يشكل المغص أي تهديد لنمو طفلك أو تطوره، ولكنه قد يكون بالتأكيد مرحلة صعبة. يمكنك استخدام التدابير المذكورة أعلاه لتهدئة طفلك لأنها سوف تساعدك على تجاوز هذه الأوقات الصعبة.
متى يجب استشارة الطبيب؟
المغص ليس مشكلة كبيرة، ولكن عندما تكون هذه العلامات واضحة، يجب عليك استشارة الطبيب فورًا: • إذا أصيب طفلك بإسهال أو كانت هناك آثار دماء في براز طفلك.
• إذا كان طفلك يعاني من حمى، تتراوح من 100 فهرنهايت أو أكثر.
• إذا كان طفلك لا يرضع ولا يكتسب وزنًا بشكل ملائم. • إذا كان طفلك يتقيأ كثيرًا.
• إذا لاحظتِ أن طفلك ناعس أو مترنح معظم الوقت.
• إذا شعرتِ أن طفلك مريض عمومًا أو قد تعرض لأي نوع من الأذى
. في أي من الحالات المذكورة أعلاه، يوصى بالاتصالبطبيبك في أقرب وقت ممكن لتجنب أي مضاعفات أخرى. يمكن أن يكون التعامل مع الأطفال المصابين بالمغص أمرا صعبًا، وأفضل شيء يمكنكم القيام به كوالدين هو التزام الهدوء. يمكن أيضًا طلب المساعدة من أحد أفراد العائلة أو صديق في حالة الشعور بالتعب الشديد أو الإرهاق. لا تهز طفلك أبدًا أو تهدهده أو تضربه وأنتِ تشعرين بالإحباط. فمثل هذه الإجراءات قد تؤدي إلى إصابات قاتلة وصدمات عند الأطفال. إذا كنتِ تجدين صعوبة في التعامل مع الموقف، من الأفضل أن تتحدثي مع طبيبك عن ذلك.