يختلف تأثير الطلاق على الأطفال من طفل لآخر. قد يواجه البعض صعوبة في تقبل الموقف، بينما قد يجد الآخرون أنه مرهق عاطفياً. لكن من النادر أن يواجه طفل واحد جميع الآثار الجانبية الموضحة أدناه للطلاق، ومع ذلك، من المفيد معرفة الآثار السلبية للطلاق على الأطفال، إذا كانت عائلتك تمر بهذه الظروف الصعبة والمؤلمة.
الآثار الجانبية للطلاق على الأطفال
إن معرفة الآثار الجانبية للطلاق سيؤهلك بشكل أفضل للتعامل مع طفلك بأكثر الطرق الإيجابية الممكنة. الآثار قصيرة المدى للطلاق هي في الغالب آثار نفسية على الأطفال، في حين أن الآثار طويلة المدى هي تداعيات الطلاق نفسه على طفلك.
التأثير قصير المدى:
١.القلق: القلق من الانفصال هو رد فعل متوقع لكسر الثقة الذي يعاني منه الأطفال عند انفصال والديهم، كما أنه حتى تنتهي الإجراءات الشرعية والقانونية بشكل تام، تظل الكثير من الأشياء غير مؤكدة، وغير واضحة في ذهن الطفل. والطفل الذي لا يجد إجابة على جميع الأسئلة التي تدور بذهنه المتعلقة بوضع العائلة وحياته يكون مضطربًا في معظم الأوقات.
٢. التوتر المستمر: الطلاق تجربة مرهقة لكل من الوالدين والأطفال في العائلة. من الممكن تقليل التوتر الذي يعاني منه الأطفال خلال هذا الوقت من خلال التواصل العاطفي المناسب. من الضروري أن يفهم الطفل ويتأكد من حقيقة أن الأم والأب سيحبونهم دون قيد أو شرط على الرغم من الطلاق. من المهم التأكيد على أنه لا يمكن لوم الطفل، بأي حال من الأحوال، على الطلاق، وأن فشل العلاقة الزوجية لا يتعلق بالطفل بأي شكل من الأشكال.
٣. الحزن الشديد: الشعور بالحزن أثناء الطلاق هو رد فعل متوقع تمامًا لدى الأطفال. بينما يتغلبون عليه في النهاية، من المهم السماح لهم بالعثور على طرق صحية ومقبولة للتعامل مع الحزن. يمكن أن يتخذ الحزن مظاهرًا شديدة في شكل اكتئاب، ومن المهم طلب المشورة الطبية والنفسية إذا حدث ذلك.
٤. التقلبات المزاجية: يمكن أن يظهر الانزعاج الناجم عن الطلاق في شكل تقلبات مزاجية وتهيج لدى الأطفال. الغضب أو الانفعال هو قناع للغضب من الطلاق نفسه والحقيقة الجديدة التي يواجهها الطفل، في حين أن بعض الأطفال يمكن أن يصبحوا منعزلين أيضًا. لذلك، من المهم تزويدهم بقنوات التواصل المناسبة، والسماح لهم بفهم سبب الطلاق. إنها حالة يحتاجون فيها إلى الحب والدعم من كلا الوالدين.
٥. الضيق: يظهر هذا في الأطفال الذين يتعرض آباؤهم للطلاق ويشمل الطلاق نزاعات بسبب حضانة الأطفال وأوقات زيارة الأب والأم لهم، والعديد من العوامل الأخرى مثل مستوى الصراع الزوجي، والعنف ضد الزوج/الزوجة أو الطفل، والصحة العقلية لزي من الوالدين، التي يمكن أن تسهم جميعها في تفاقم الضيق عند الطفل.
التأثير طويل المدى:
١. تعاطي المخدرات: أظهرت الأبحاث أن أبناء وبنات العائلات المطلقة هم أكثر عرضة للتدخين. من بين الأطفال الذين يتعاملون مع الطلاق، هناك احتمال بنسبة ٤٨٪ أن يدخن الأولاد قبل بلوغهم سن ١٨ عامًا، وفرصة ٣٩٪ أن تدخن الفتيات. كما أنهم أكثر عرضة لتناول للكحول، والمواد الأخرى التي تسبب الإدمان.
٢. ضعف في المهارات الاجتماعية: يميل أطفال العائلات التي تمر بالطلاق إلى المعاناة من مشاكل الثقة بالنفس، وبالتالي ضعف في المهارات والعلاقات الاجتماعية. عندما يكبرون، قد يواجهون صعوبات في بناء علاقات حميمة أيضاً. إن احتمال الطلاق بين هؤلاء الأطفال عند الكبر أعلى مرتين مقارنة بالأطفال من أسر مستقرة.
٣. تراجع في مراحل التعليم: يؤثر أيضًا سن الطفل الذي ينفصل فيه الوالدان علي الطفل، والأطفال الصغار يعانون أكثر من الأكبر سناَ. كلما زاد عدد التغييرات التي يتعين على الطفل التكيف معها، زادت الصعوبة التي يواجهها في المدرسة. قد يتحول الصبيان إلى التصرفات العدوانية، ويواجهون مشكلة في الانسجام مع أصدقائهم ومع المدرسين. بينما تميل الفتيات إلى الحزن أو الاكتئاب.
٤. الاكتئاب: الحزن، وهو تأثير قصير المدى للطلاق، من الممكن أن يتحول إلى اكتئاب على المدى الطويل. لقد ثبت أن الأطفال الذين شهدوا طلاق والديهم لديهم فرص أكبر للمعاناة من الاكتئاب، والانسحاب الاجتماعي. تشير الدراسات إلى أن الطلاق يمكن أن يكون عاملاً مساهماً في الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب عند الأطفال.
٥. التأثير الاجتماعي والاقتصادي السلبي: صدمة الطلاق يمكن أن تؤثر أو تعيق تقدم الطفل في المدرسة. وهذا بدوره يمكن أن يؤثر على تعليمه الجامعي والمزيد من التطور في المستقبل المهني. وبالمثل، عند طلاق الوالدين من الطبقات الاقتصادية الدنيا، من المحتمل أن يواجه ولي الطفل مشاكل مالية يمكن أن تؤثر على تعليمه.
العوامل التي تلعب دورًا حاسمًا في تأثير الطلاق على الأطفال
تشمل العناصر الأساسية التي تلعب دورًا أثناء الطلاق ما يلي:
- العمر عند الطلاق: أشارت النتائج المبكرة إلى أن الانفصال عن أحد الوالدين في سن مبكرة كان له آثار سلبية أكثر. ولكن منذ ذلك الحين، ثبت أنه في السنوات الأخيرة ظهر هؤلاء الأطفال أكثر تكيفًا من نظرائهم الأكبر سنًا. بشكل عام، يميل الأطفال الأصغر سنًا إلى مواجهة مشاكل التكيف الشخصي والعلاقات. بينما يميل المراهقون إلى مواجهة صعوبات في العلاقات الجنسية ويطورون سلوكًا معاديًا للمجتمع.
- الوضع الاجتماعي والاقتصادي: من الملاحظ أن الأطفال من خلفيات اجتماعية واقتصادية فقيرة يواجهون صعوبات أكبر بعد طلاق والديهم. يؤثر الحرمان الاقتصادي جنبًا إلى جنب مع التصرفات العدائية بين الوالدين على الوالد الحاضن مما يؤدي إلى ضعف التكيف لدى الأطفال. تؤثر الخلفية الاجتماعية والاقتصادية أيضًا على التطور الفكري والأكاديمي والشخصي للأطفال.
- جنس الطفل: أشارت الدراسات إلى استنتاجات متناقضة حول تأثير الطلاق على الأولاد والبنات. تشير بعض الدراسات الاستقصائية إلى أن الأولاد يواجهون وقتًا أكثر صعوبة في التكييف على نمط الحياة الجديد ما بعد طلاق الوالدين، بينما يشير البعض الآخر إلى أن الفتيات يواجهن المزيد من الصعوبات، كما وجدت مؤخراً بعض الدراسات عدم وجود فروق بين الجنسين في التعامل مع آثار الطلاق السلبية.
- شخصية الطفل: لكل طفل شخصية مختلفة وبالتالي يتفاعل بشكل مختلف مع المواقف المختلفة في الحياة. حتى داخل الأسرة، يمكن أن يتأثر الأخوة بشكل مختلف بالطلاق. يمكن أن تؤثر طريقة الطفل في التعامل مع التوتر أيضًا على الحياة ما بعد الطلاق.
ما هي الجوانب الإيجابية للطلاق؟
على عكس ما يعتقده معظم الناس، يمكن أن يكون الطلاق أحيانًا أمرًا جيدًا أو إيجابيًا – خاصةً عندما تكون العلاقة مسيئة أو غير صحية للأشخاص المعنيين.
- عندما تنتهي علاقة يسببها تعاطي المخدرات وعدم الاحترام، فإن ذلك يعود بالفائدة على الوالدين وكذلك الأطفال. من المرجح أن يتخذ الأطفال قرار العيش مع الوالد الأكثر اتزاناً، ويمكن أن تؤكد البيئة الصحية التي يعيشون فيها على الاختلافات الكبيرة والصحية في حياتهم. إن فرص أن يلاحظ الأطفال تجاربهم الحياتية ويبتعدون عن الشرب والتدخين عالية جدًا في مثل هذا السيناريو. هنا يلعب الطلاق لصالحهم.
- بعد الطلاق، لم يعد يتعين على الأطفال مشاهدة النزاعات الأبوية أو العنف المنزلي، ويمكن لكلا الوالدين المضي قدمًا في حياتهم بشكل أكثر إيجابية، ويكون كلٍ من الآباء أكثر سعادة من ذي قبل؛ هذا يترجم إلى طفل سعيد يقضي الوقت مع كليهما على حدي.
- يحصل الأطفال على مزيد من الوقت مع كل من الوالدين بطريقة منفصلة، وعادة، نتيجة لذلك، يميل الوالد إلى التركيز أكثر على منح الطفل وقتًا جيدًا والتركيز الكامل عليه.
- بعد الطلاق، قد يجد الآباء شخصًا آخر يسعدهم أو يظلوا سعداء بمفردهم. يفهم الأطفال أن الحياة تستمر حتى بعد وقوع موق فقد يبدو كارثي، ويتعلمون أن البدء من جديد في الحياة شيء ممكن.
كيفية الحد من معاناة الطفل عند انفصال الوالدين
عقل الطفل رقيق والأطفال ليسوا أقوياء اجتماعياً أو عاطفياً مثل البالغين. يمكن أن تكون الآثار التي يتركها الطلاق في أذهانهم عميقة ولا رجعة فيها. إليك كيفية محاولة تقليل شدة التأثير السلب للطلاق على طفلك.
- ممارسة أساليب التربية الصحية: أظهرت الدراسات أن التربية الجيدة قبل الطلاق وبعده يمكن أن تساعد الطفل على التعامل مع الموقف. يجب أن تكون التربية الجيدة مزيجًا من الدفء والرعاية، جنبًا إلى جنب مع الانضباط الفعال ووضع الحدود المتفق عليها. من الطرق المهمة التي يمكن للوالدين أن يطمئنوا بها أطفالهم في مواجهة الطلاق هي من خلال تأكيد حبهم لهم بغض النظر عن الطلاق. حتى إذا أظهر المراهقون نفورًا تجاه الإيماءات العاطفية، فسيكون من الجيد لهم أن يشعروا بشكل صريح بحب أحد الوالدين، لتقليل آثار الطلاق على عليهم. يساعد أيضًا إنشاء بعض التقاليد العائلية لقضاء الوقت معًا. جانب آخر من الأبوة والأمومة الفعالة ينطوي على الانضباط، والذي يضع إرشادات واضحة وحدودًا مناسبة للمرحلة العمرية. من المهم للأطفال أن يفهموا أن كل المشاعر مقبولة، في حين أن جميع السلوكيات ليست كذلك. يجب أن يكون الآباء أيضًا قادرين على الحفاظ على قناة اتصال مفتوحة مع الأطفال. هذا أيضًا وقت يتعلم فيه الأطفال أن يكونوا متعاطفين، وأن يفهموا كيفية حل المشاكل وأن بعض المشاكل لا يمكن حلها.
- فهم العواطف الخفية: أظهرت الدراسات أن الآباء غالبًا ما يفشلون في فهم أسباب التوتر لدى الأطفال وأيضًا إلى أي مدى تغير توترهم خلال العام الماضي. هناك فجوة بين ما يعتقد الآباء أنه يسبب القلق وما هو مقلق للأطفال حقاً. إحدى الطرق التي يمكن للوالد من خلالها فهم مشاعر الطفل هي مساعدته / مساعدتها على تحديد مشاعرهم وتسميتها. هذا يهدئ من نفسيتهم، ويزيد من نشاط قشرة الفص الجبهي في المخ، ويساعدهم في تطوير المسارات العصبية للتعامل مع المشاعر القوية، وحل المشكلات، والتفكير العقلاني. يحتاج الأطفال غالبًا إلى وقت للتعبير عن أنفسهم بشكل فعال، ويفعلون ذلك عندما يعتقدون أن والديهم سيستمعون بصبر دون إصدار أي أحكام على مشاعرهم.
- التعامل مع النزاع الزوجي: يمكن أن يكون لكيفية تعامل الوالدين مع زواج فاشل، وبدء حياة جديدة، تأثير كبير على الأطفال. الوالد المسؤول يحمي الطفل من سوء المعاملة، ويظهر الاحترام الواجب لوالد الطفل الآخر. هناك عدد من الآثار السلبية نتيجة انفصال الوالدين على نمو الطفل، ولكن من الضروري حماية الطفل من زواج مشاهدة مسيء أو عنيف. يمكن للوالدين حماية الطفل من صراعات الزواج من خلال إعادة صياغة علاقتهما بشراكة تجارية شبيهة بالأبوة. في العلاقات التي بها الصراع الشديد، يمكن تبني الأبوة الموازية حيث يكون للوالدين الحد الأدنى من الاتصال مع كل منهما، بينما يحصل الطفل على قضاء وقت واحد مع كل من الوالدين. الوساطة هي أداة فعالة في مثل هذه الحالات. من الملاحظ أنه بعد سنوات من الوساطة، أصبح الوالدان أكثر قدرة على المشاركة في التربية وحل النزاعات مقارنة بمجموعة التحكم في التقاضي.
- ضع في اعتبارك برامج التدخل النفسي: التدخلات الوقائية لها تأثير إيجابي على الأطفال، فهذه البرامج تساعدهم عن طريق الحد من شعورهم بالعزلة وتوضيح المفاهيم الخاطئة. كما تعلم هذه البرامج الأطفال التواصل مع أولياء الأمور وحل المشكلات وتطوير المهارات الحياتية المفيدة لمثل هذه المواقف غير المؤكدة في الحياة. هناك أيضًا برامج تدخل نفسي للآباء تساعدهم على إعادة صياغة علاقتهم بعد الطلاق بأكثر الطرق إيجابية. توفر هذه الجلسات رسائل إيجابية وتمكينية للآباء حول تأثير أفعالهم على الأطفال، والعوامل المختلفة التي يمكنهم التحكم فيها خلال هذا الموقف.
- بناء علاقة صحية بين الطفل والوالدين: تعتبر العلاقة الصحية بين الطفل والوالد عاملاً وقائيًا مهمًا يتنبأ بالتأثير طويل المدى للطلاق على الأطفال. تظهر الاستطلاعات أن العلاقة بين الوالدين والطفل تميل إلى التدهور بعد الطلاق، وخاصة العلاقات مع الأب. يمكن لخطوات مثل قضاء الوقت مع الوالد، وتأكيد نقاط قوته الطفل والوالد، وقبول المشاعر المتناقضة وما إلى ذلك، أن تساعد في العلاقة. أيضًا، بفيد ضم التعبيرات الحقيقية عن التقدير والتشجيع لبعضنا البعض. يحدث تأثير اجتماعي آخر للطلاق على الأطفال عندما يندفع الوالدان إلى علاقة مباشرة بعد الطلاق، وقد يواجه معظم الأطفال إحساسًا هائلاً بالخسارة، وشعوراً بالغيرة والخوف من الشريك الجديد. تتفاقم المشكلة عندما يكون لدى الشريك الجديد أطفال أيضًا.
الطلاق هو وقت صعب لجميع أفراد الأسرة. يحتاج الأطفال إلى دعم مضعف، والمزيد من الحب والحنان في مثل هذه الحالة. يجب على الوالدين في حالة الطلاق أن يكونوا أكثر انتباهاً تجاه أطفالهم، على الرغم من أن الطلاق يعد وضعًا صعبًا عليهم أيضًا. هناك حلول مثل الاستشارة النفسية والتدخل الأسري والتي يمكن أن تساعد في تسهيل التعامل مع الموقف لكل من الوالدين والأطفال.